الاعتداء الجنسي يمكن أن يترك اثاراً جسدياً، لكن يظن البعض مخطئاً أن للاعتداء الجنسي آثاره الجسدية فقط، متناسياً الآثار النفسية التي تلازم الناجين/ات لفترات زمنية طويلة.
آثار الاعتداء النفسية
من المعروف أن تعرض أحدهم/ إحداهن للاعتداء الجنسي من التحرش اللفظي أو عبر اللمس وصولاً للاغتصاب يؤدي لمشاكل نفسية جمة، وإن لم تتم معالجتها بالطرق الصحيحة، قد تؤدي بتفكير الناجين/يات لتعريض أنفسهم/ن للخطر سواء كان بتجربة المجازفات الخطيرة التي تنم عن لامبالاة بالسلامة الخاصة أو عبر الأذى الذاتي بشق الجروح في أجزاء مختلفة من الجسد وهذا ما يجري سراً عن الآخرين، وفي حالات أخرى التفكير بالانتحار.
خطر الاعتداء على المجتمع الكويري
يواجه الناجون/ات من الاعتداء الجنسي في المجتمع الكويري خطراً أكبر للتعرض لهذه المشاكل النفسية والعقلية نتيجة وجود خلفية بيئية محيطة بهم/ن وظروف سبق ومروا/ مررن بها بسبب ميولهم/ن الجنسية وهوياتهم/ن الجندرية
والتي في غالب الأحيان ما تسبب تعرضهم/ن لإساءات أو تمييز وتفرقة أو نبذ في بعض الحالات، مما يسهّل وقوعهم/ن ضحايا لهذه المشاكل النفسية لقلة وجود الدعم المطلوب من العائلة أو الأصدقاء أو المجتمع بشكل عام.
لذا يتوجب علينا معرفة أهم المشاكل النفسية التي قد يتعرض لها الناجون/يات لمحاولة تقديم المساعدة المختصة لهم/ن تفادياً لانسلالهم/ن لطرق المعالجة الذاتية التي غالباً ما يكون لها أثر سلبي أكثر مما هو إيجابي ونافع.
المشاكل الناتجة عن الاغتصاب أو التحرش الجنسي
الاكتئاب
غالباً ما يصعب التعامل مع فقدان الاستقلالية الجسدية، مما قد يخلق مشاعر العجز أو اليأس أو يقلل من إحساس الناجين/ات بقيمتهم/ن الذاتية. وقد تكون مشاعر الاكتئاب خفيفة وعابرة، أو شديدة وطويلة الأمد.
القلق
قد يخشى الناجون/يات تكرار الاعتداء مرة أخرى وقد يعاني/تعاني الناجون/ات من نوبات الهلع، ويصاب/تصاب آخرون/يات برهاب الخلاء ويخشون/ين مغادرة منازلهم/ن، وفي بعض الحالات، قد يصاب/تصاب الناجون/يات بخوف مزمن من نوع الشخص الذي أضرّ بهم/ن، فمن تعرضوا/ن للاغتصاب من قبل رجل طويل أشقر الشعر وذو عيون زرقاء سيكرهون/ن كل الرجال الذين يتطابقون مع هذا الوصف.
اضطراب الشدة ما بعد الصدمة
قد يـ/تعاني الناجون/يات من اعتداء جنسي من ذكريات أليمة عن الاعتداء، وفي بعض الحالات قد تكون ذكريات الماضي معطلّة للغاية عما يجري حولهم/ن، لدرجة أنها تجعل الناجون/ات يفقدون/ن مسار ما يحيط بهم/ن، وهذا ما يسمى بالاسترجاع، وأثناء الدخول في هذه الحالة يصعب على الناجين/ات الاتصال بالواقع، حتى أنهم/ن قد يشعرون/ن بأن الجناة موجودون/ات أمامهم/ن جسدياً.
قد تبدو ذكريات الواقعة عشوائية في البداية وقد تنجم عن تجارب معتادة مرتبطة بالحواس كرائحة شخص ما أو نبرة صوت معينة، فيكون الاسترجاع هذا استجابة طبيعية لهذا النوع من الصدمات.
وقد يصاب الشخص كذلك بحالة ذات صلة تسمى باضطراب ما بعد الصدمة المعقّد حيث ينتج عن اضطراب ما بعد الصدمة خوفاً مزمناً من الهجر بالإضافة لأعراض اضطراب ما بعد الصدمة التقليدي، وهذا النوع يعد كذلك من اضطرابات الشخصية.
اضطرابات الشخصية
يمكن أن يؤدي الاعتداء الجنسي في بعض الأحيان إلى اضطرابات في الشخصية مثل اضطراب الشخصية ثنائي القطب. قد يكون السلوك المرتبط باضطرابات الشخصية تكيفاً مع سوء المعاملة. على سبيل المثال، من سمات المصابين/ات باضطراب الشخصية الثنائية القطب الخوف من الهجر، والذي قد لا يكون قابلاً للتكيف في مرحلة البلوغ. ومع ذلك، فإن تجنب الهجر يعد درعاً لشخص ما تعرض لاعتداء جنسي في الطفولة.
اضطرابات الطعام
قد يؤثر العنف الجنسي على الناجين/ات بعدة طرق، بما في ذلك تصوراتهم/ن لشكل أجسادهم/ن ورغبتهم/ن بالشعور بالسيطرة عليها، فيحاولون/ن فرض هذه السيطرة عبر تناول الطعام بكثرة أو العكس أي الامتناع عن تناول الطعام.
اضطرابات النوم
تشمل أعراضه مواجهة صعوبة في النوم أو الاستمرار به، النوم في أوقات غير معتادة من اليوم أو النوم لفترات أطول أو أقصر من اللازم.
مشاكل التعلق
قد يـ/تجد الناجون/يات صعوبةً في تكوين روابط صحية مع الآخرين، وهذا ملحوظ بشكل خاص بين الأطفال الذين تعرضوا لسوء المعاملة. قد يعاني البالغون/ات الذين/اللواتي تعرضوا/ن لسوء المعاملة في طفولتهم/ن من أنماط التعلق غير الآمنة.
قد يصارعون/ن بإنشاء علاقات حميمية أو العكس حيث يحرصون/ن جداً على تكوين روابط وثيقة.
الإدمان
تشير الأبحاث إلى أن الناجين/ات من الإساءة الجنسية أكثر عرضة بنسبة 25% من غيرهم/ن لتعاطي المخدرات. يمكن أن تساعد العقاقير والكحول في تخدير ألم الإساءة. ومع ذلك، يؤدي تعاطيها غالباً إلى تطوير مخاوف مختلفة.
إن المساعدة الفورية في الأزمات بعد الاعتداء الجنسي لا تقدّر بثمن بل ومنقذة للأرواح كذلك، يمكن لأي شخص الإبلاغ عن هكذا اعتداء عن طريق الاتصال بالشرطة المحلية، وقد يـ/ترغب الناجون/يات بإجراء فحص جسدي في المستشفى.
مساعدة ما بعد الاعتداء
يمكن للناجين/ات من الاعتداء الجنسي من أفراد المجتمع الكويري الحصول على المساعدة عبر المعالجة النفسية، من غير القانوني لأخصائيي الصحة العقلية والنفسية الكشف عن المعلومات الشخصية للآخرين، فمراكز المعالجة النفسية تعد أمكنة سرية يمكن للناجين/ات إيجاد الدعم فيها دون إطلاق أحكام عليهم/ن، لذا إن كنتم/ن ممن تعرضون/ن لهذه الصدمة فلا تترددوا/ن باللجوء للمنظمات أو المراكز أو الأطباء المعنيين بشؤون المجتمع الكويري طلباً للمساعدة من أخصائيّ الصحة العقلية والنفسية. وفي حال عدم توفر هكذا مراكز في بلادكم أو مدينتكم، من الضروري التأكد قبل رؤية أخصائي/ة نفسي/ة من أنه/ا الشخص الصحيح وأن يـ/تكون متقبلاً/ةً للمجتمع الكويري.
وجود مشكلة تتعلق بالصحة العقلية والنفسية لا تجعلكم/ن ضعفاء/ ضعيفات أو محطمين/محطمات، لأن الناس يتعاملون مع الصدمات بطرق مختلفة، فتذكروا/ن أنكم/ن لستم/ن مضطرون/ات للتعامل مع مشاكلكم/ن بمفردكم/ن.